كلمة الأمينة العامة في المؤتمر الصحفي لمكتب الأمم المتحدة في جنيف

16 كانون الثاني/ يناير 2024

الأصدقاء الأعزاء في وسائل الإعلام،

إنه لمن دواعي سعادتي البالغة أن أتحدث إليكم اليوم بصفتي الأمينة العامة الجديدة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وإنني سعيدة لوجودي هنا، وهذه السعادة ليست لأسباب شخصية، ولكن لأن البشرية تواجه أحد أكثر تحدياتها تعقيداً - وهو بلا شك تغيُّر المناخ.

وأتمنى من أعماق قلبي أن نواجه هذا التحدي معاً، كأسرة عالمية تلتزم بمسؤولية مشتركة، وتجمعها رؤية مشتركة لمستقبل أطفالنا، وهدف واحد.

وتحمل لنا السنوات المقبلة فرصة سانحة وواجباً وإمكانية لصياغة الخطاب بشأن العمل المناخي. ويتعلق الأمر بتمكين الدول، وتعزيز الشمولية، وإيجاد مسارات مستدامة لتحقيق رخاء ننعم به جميعاً.

ونحن لسنا مراقبين فحسب؛ بل إننا بُناة مستقبل مستدام. ولقد شهدت جنيف ميلاد جزء كبير من التعاون الدولي، الذي يُعَد أداة رائعة لمواجهة تحديات عصرنا، كما تعاونَ من قبل أسلافنا من الآباء والأمهات.

وحتى نُحدِث أثراً حقيقياً، علينا أن نُكثِّف ما نقدمه من دعم إلى الأقاليم والبلدان، خاصة تلك التي تسعى جاهدةً للتغلب على التحديات الإنمائية. وإذا كنا أسرة واحدة، فلا يجوز أن نترك وراءنا أحد أفراد أسرتنا. وما نقدمه من دعمٍ ينبغي أن يساعد الدول في أن تكون أطرافاً فاعلة رئيسية في صياغة جداول أعمال المناخ على جميع المستويات.

إن أهداف التنمية المستدامة هي النجوم التي نهتدي بها في مجال العمل المناخي. وإننا في مفترق طرق يتقاطع فيه عدم المساواة وتغير المناخ، ويجب أن تعكس استراتيجياتنا ضرورات العصر الأكثر إلحاحاً. والتزامنا بالحد من عدم المساواة وتقليص الفجوات الإنمائية التزامٌ راسخ لا يتزعزع. وسنعطي الأولوية للمبادرات الإقليمية والميدانية، بما يضمن أن يعود الابتكار بالفائدة على كل عضو من أعضاء المنظمة، خاصة أولئك الذين بلغوا درجة أقل نسبياً من التنمية.

والتكيف مع المناخ المُتغيِّر ليس خياراً، بل ضرورة حتمية. ويتعلق الأمر ببناء مجتمعات قادرة على الصمود تستطيع مجابهة الكوارث المرتبطة بالمناخ والتعافي منها، خاصة في الأقاليم الأكثر عرضة للمخاطر وتأثراً بها. وستكون نظم الإنذار المبكر هي الركيزة الأساسية التي تستند إليها جهودنا الرامية إلى الحد من أخطار الكوارث، وتحويل التهديدات إلى فرص لتحقيق التنمية المستدامة. وسأحرص في الفترة التي أقود فيها المنظمة على تقوية نظم الإنذار المبكر، وتعزيز إمكانية الوصول إلى البيانات، وإتاحة العلوم والمعلومات المُنقِذة للحياة للجميع في الوقت المناسب.

ومبادرة "نظم الإنذار المبكر للجميع" مبادرة شاملة تلتزم بضمان حصول كل شخص على وجه الأرض على معلومات آنية وموثوق بها ومُنقِذة للحياة عن مخاطر الطقس والمناخ.

وإدراكاً منا لضرورة أن يسير التكيف والتخفيف جنباً إلى جنب، فإن المبادرة التي أطلقتها المنظمة للمراقبة العالمية لغازات الاحتباس الحراري تهدف إلى تقديم نظرة عامة شاملة ودقيقة عن انبعاثات هذه الغازات في جميع أنحاء العالم. فاستيعاب ما يُخلِّفه النشاط البشري من آثار أمرٌ بالغ الأهمية لصياغة حلول مبتكرة، منها النهوض بالطاقة المتجددة، في جميع البلدان والأقاليم.

وفي سعينا لتحقيق الأهداف المشتركة، نرى أن التعاون الدولي، والآليات المالية التي يمكن الوصول إليها، والتآزر بين العلم والتعليم، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، وجداول الأعمال المشتركة بين المؤسسات، وغيرها من العمليات عواملُ ليست مفيدة فحسب، بل ضرورية.

وسنُقيم علاقات أقوى مع منظمات الأمم المتحدة وهيئاتها، والوكالات الإنمائية، والحكومات، والمجتمع المدني، والدوائر العلمية، والقطاع الخاص، وأخيراً وليس آخراً مع وسائل الإعلام بالتأكيد!

السيدات والسادة،

كما تعلمون، ينعقد المنتدى الاقتصادي العالمي هذا الأسبوع في دافوس. وقد أصدر المنتدى للتو تقريره عن المخاطر العالمية. فما هي المخاطر الأكثر تهديداً التي تُحدِق بالعالم اليوم؟ إنها: الانتشار المُستشري للمعلومات المغلوطة والمعلومات المضللة؛ وتزايد شدة الظواهر الجوية المتطرفة؛ والانكماش الاقتصادي العالمي.

وهذه التهديدات متشابكة، وتفضي إلى شبكة مُعقَّدة من التحديات تتطلب منا العمل الفوري والحاسم. والجزء الأكبر من العمل يحدث هنا في جنيف، خلف الكواليس، وتتردد أصداؤه في جميع أنحاء العالم. ونحتاج إليكم، أيها الأصدقاء في وسائل الإعلام، لتقديم معلومات علمية دقيقة للناس حتى نواجه هذه التحديات الجسيمة. نحتاج منكم أن تشرحوا لنا ما الذي ينتظرنا. نحتاج إلى صِدقكم ومهنيتكم حتى يتمكن الناس من فهم عالمنا وكيف تسير الأمور فيه فهماً أفضل.

نحتاج إلى مساعدتكم حتى نتصدى للمعلومات المضللة والأخبار المزيفة.

وإنني أتطلع بشدة إلى خوض غمار هذه الرحلة معكم جميعاً. ولن تكون الطريق سهلة، لكننا سنجتازها إذا تحلَّينا بالقوة والعزيمة من أجل أسرتنا العالمية والأجيال القادمة.

شكراً لكم.
 

شارك:

Statement by

A woman smiling in front of a flag.
سيليستى ساولو, الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية
View Profile